12 Aug 2012

فرح في بولاق

معلومة : كلمة بولاق من الفرنسية Beau Lac وتعني "البحيرة الجميلة"

مش عارفة ليه كتبت اسم ال...مالوش تعريف! ماشي, مش عارفة ليه اخترت الاسم ده. يمكن لإن بقالي كام يوم ناقح عليَّ بولاق الدكرور وأيام وذكريات الطفولة هناك, واحشني أصحابي اللي كنت بلعب معاهم كورة وبنقعد نلعب في رمل البنا سوا...
آه, على فكرة  أنا مش كل حياتي كنت بنت العز اللي عايشة في وسطها البرجوازي بس...ده لو قلنا إن أهلي في بداية حياتهم كانوا 
حتى شامين ريحة التعريف ده. وبرده أنا مش من سكان بولاق, الحكاية وما فيها إن...
والدي طبيب عيادته (وفي الفترة دي كانت عيادة أمي كمان) في بولاق الدكرور وبقاله هناك ييجي...قرب 30 سنة (يااه, كتير قوي لما بقولها دلوقتي) يعني, ربنا يديك العافية والصحة يا بابا, ماعلينا نكمل...

بعد ما ماما جابتني (في الماجستير) وبعديها اخويا (في الدكتوراه) وابتدينا ندخل المدارس كان لازم ماما تاخد بالها مننا ومن شغلها( ده غير العيادة للعلم) والعيادة باليل, وييجي هنا السؤال," طب ليه ماكانتش بتقعد من العيادة عشان تاخد بالها منكم؟"
هاقولك, لاننا ماكناش في سعة مادية تسمح إن حد يقعد من غير شغل, يعني ربنا ساترها الحمد لله, بس العلام مهم في أسرتي وماكانوش أهلي بيستخسروا أي شيء في سبيل إن احنا نكون في مدارس كويسة. لكن ده كان معناه اننا مع أهالينا الصبح في أشغالهم وباليل في العيادة, وأمي مابين الكشوفات والعيانين وما بين مذاكرة الحساب والعلوم ليا...مذاكرتنا بشكل عام, وفترة الراحة بالنسبالنا هي لما نروح نلعب مع أقارب ممرضة العيادة (أبلة/ رضا) اللي هي ساكنة في نفس الحي, ونعرفهم كويس عائليا ونفضل نلعب ونرسم ونطير طيارات, ونحكي عن يوميات مدارسنا, ويمكن ناخد دروس القرآن سوا ونتعشى وننام ويكون أهلي يادوبك بيخلصوا العيادة...زي ماتيجي بقى 2, 3 صباحا, المهم بيعبونا فالعربية نكمل نوم لحد البيت ويشيلونا ساعات وينيمونا 
عشان بعد سويعات هيصحوا تاني عشان المدرسة...الخ
ليه أنا بقول المقدمة دي؟ عشان أوضح إن ده كان بالنسبالي الطبيعي حتى الجامعة... أبلة رضا, كانت فرد فعال في تربيتنا على
مبادئ صارمة وراسخة - خاصةً اخويا- ومكنتش أعرف يعني إيه مدرسة لغات وحكومة وتجريبي," مدرستي ومدرسة اصحابي واحد, بس اماكنهم مختلفة" دلوقتي بفكر إن أكيد ده ماكانش الوضع بالنسبالهم, هم كان عندهم علم بالتصنيفات دي أكتر مني... بمعنى أصح المقدمة دي عشان اقول إن" فرح في بولاق" دي كانت ممكن تحصل في طفولتي كتير, واتعزم أنا واخويا...مع أهلي أكيد, بس عشان مثلا اللي هتتجوز تبقى خالة اصحابي دول, فالفرحة بتاعتنا كلنا!
         
ونظرا لإن أنا بقيت مودموزيل (بكره الكلمة دي) وكبرت مبقاش ينفع إني اروح العيادة وألعاب زي الاول, حتى لو كان المنطق ده من وجهة نظر بولاق الدكرور بس ( لإن في نظر المجتمع أنا كنت بنت عندها 11 سنة!) ودي كانت أول صدمة ثقافية اجتماعية بالنسبالي, إن مش كل الاحياء أو الناس تمتلك نفس المبادئ أو المفاهيم... وتقريبا أنا لسة في الصدمة دي من وقت للتاني!
المهم كلنا كبرنا ومسارات حياتنا اتغيرت من اهمها أظن إن أنا مطلعتش "الدكتورة الصغيرة" زي ماكان متوقع - نظرا لشغفي الشديد بالطب- وكلمة إني فنانة تشكيلية دي...يعني ملهاش نفس الصدى زي "طب" أو "هندسة", واصحابي في منهم داخله زراعة وحربية وهندسة, يعني حاجات كتير وكان منهم اللي تفوق في كليته وفرح أهله وفرحنا بيه, ودخلنا معترك الحياة, ودلوقتي العمل, وما زال بابا في نفس العيادة- اللي "بنت حلال وناسها طيبين"- وحمزة الوصل بينا وبين أخبار صحابنا واهاليهم والحتة.
بس كما ذكرت في الأول بقالي فترة بولاق الدكرور هلا عليَّ ونفسي اروح اشوف المكان بعد طول المدة دي... وجت الفرصة
انهارده....
زجاج عربيتي جاله سرطان وواجب تصليحه, فـكلمنا الميكانيكي اللي يعرفه ذكور البيت من بابا واخي واتفق "اخويا" معاه إننا نقابله...تفتكروا ورشته تكون فين!!
اخدت العربية وسوقنا بسرعة عشان ضيق الوقت في رمضان, وبدأنا في الدخول لناهيا- وده زي شارع فيصل أو الطيران كده بالنسبة لبولاق- وكانت الصدمة...

من صدمة الزبالة اللي زادت في المكان بطريقة غريبة للصدمة الاعنف وهي البشر اللي عايشة في وسط الاكوا...لأ, التلال دي
من الزبالة! مدة كافية جعلت لون البعض منهم لا يكاد يفرق عن لون محيطه خاصةً في الظلام!!
"ده مش شارع ناهيا.. استحالة!!!" وبعدين بالتحقيق وحذف بعض العشش هنا وهناك -افتراضيا طبعا- وتذكر بعض المحال التي لا تزال هناك من وقتي, السحيق, استطعت ان أؤكد صدمتي بأنه هو" شارع ناهيا" بمحطاته ومجاريه!!! وهنا عزيزي القارئ تستمر علامات التعجب حتى لحظة كتابتي هذه!
المؤكب بالنسبة لي... بجانب إني مش عارفة هاعمل إيه للناس دي وإزاي! هي إني ماقدرتش أتكلم مع الميكانيكي لما وصلنا لتصليح الزجاج, ليه؟ لإن "حضرتك أنسة وكده وماينفعش هنا إنك تقفي مع الصنايعية وكده" كلمة لم يقصد بيها الميكانيكي أي سوء بالطبع ولاني عارفة أعراف المكان وبحترمها مادمت فيها كان معنى ال 10 كلمة دول إني هقعد في العربية بينما يصلح الصنايعية الزجاج, وتتاح لأخي فرصة السمر مع الميكانيكي كيفما يشاء بالطبع!!!
لو كان الميكانيكي يعرف الكلمتين دول جارحني قد إيه وهيخلوني أنام قلبي هايتقهر دلوقتي كان زمانه قال لاخويا "تعال إنت وسيب أختك في البيت!"
طب أنا أعمل إيه دلوقتي... مش عارفة هتجيلي فرصة تانية امتى إني اروح هناك تاني وحاول استشف ا أمور عن طريق المراقبة الجيدة, عشان مفيش امال للكلام, وربما التلكيك للذهاب للبقال لأختلاس كلمة عابرة منه استشف منها أي شيء, أي حاجة!
...كده لأ كده ماينفعش لازم حل, للفرح يبقى ميتم!


No comments:

Post a Comment

Followers